الأسرة في المجتمع العسكري

Abstract

حظيت دراسة الأسرة باهتمام كبير من جانب المفكرين الأوائل، غير أن الدراسات الرائدة لم تعتمد على قواعد علمية. لهذا جاءت الدراسات بعيدة عن الأسلوب العلمي الممنهج. غير أن علم الاجتماع بما استحدثه من نظريات علمية، وما توصل إليه من مناهج مقننة، دفع الباحثين إلى إعادة صياغة الدراسات المبكرة على أطر نظرية جديدة، لكن النظريات العلمية قد تعددت والمناهج تنوعت ومن ثم اختلفت الطرق التي يتناول بها الباحث بحثه ودراسته. وفي هذا الكتيب نعتمد في دراستنا للأسرة العسكرية على نظريات الاتجاه الوظيفي والاتجاه السلوكي وما يحويه هذا الاتجاه في أحشائه من نظرية للتفاعل الرمزي. وكما هو معروف فإن القضايا الأساسية للاتجاه الوظيفي تنحصر في دراسته للأنساق الإجتماعية في المسلمات الأساسية لهذا الاتجاهأثر البطالة على الأسرة (Brinker,1988)، استيعاب أفراد الأسرة في سوق العمل (Kantes,1987)، أثر الثقافة المهنية على أفراد الأسرة، أثر عمل الزوجات على نمو الأطفال(Hofferth,1979)، تقسيم العمل المنزلي والاستقرار الزواجي(Booth,1983). وفي السودان لا يختلف الأمر كثيراً، بل نجده يتسق مع كل ما جاء وكتب عن أثر التغير الاقتصادي في بناء ووظيفة الأسرة في إطار المجتمع السوداني. والأسرة العسكرية تدخل ضمناً في هذا التغير لأنها جزء من المجتمع العام. وبالتالي فإن ما يصيب الكل ينسحب على الجزء(نظرية النسق الإجتماعي)، رغم خصوصية المجتمع المحلي العسكري ورغم ثقافته الفرعية. والمعروف إن العمل العسكري يتطلب حضوراً دائماً في المعسكرات ولفترات محددة، تطول وقد تقصر. فهل يؤثر ذلك على استقرار الأسرة؟. وللإجابة عن هذا السؤال نشير إلى بعض الدراسات(دراسة قام بها العقيد نبيل، 1992م) إلى أن غياب الزوج لا يؤثر بقدر كبير على استقرار الأسرة العسكرية في السودان، ولا على العلاقات الأسرية، وإن كان له أثر على سلوك الأبناء. كما تبين من خلال تلك الدراسة أثر نوبات العمل الطويلة على الإشباع العاطفي للأسرة. وعلى الرغم من ضرورة تواجد الأسرة في مكان واحد ولأطول فترة ممكنة لتكتمل دورة الأسرة وتتفاعل، إلا أن العسكرية استطاعت بفضل تنشئتها أن تتغلب على هذه الصعاب، كما هو الحال بالنسبة للمجتمعات الصناعية التي كثيراً ما يغيب فيها الزوج أو الزوجة أو الاثنان معاً عن المنزل وما يترتب على ذلك من أمراض اجتماعية وسلوكية. 43. نوبات العمل الطويلة: يدخل في نطاق برامج العمل ما يسمى بنوبات العمل الطويلة. وتعرف هيئة العمل الدولية نوبات العمل الطويلة بساعات العمل التي يقع نصفها خارج ساعات العمل اليومية الرسمية، مع اعتبار أن تحديد ساعات العمل اليومي وزمانها يختلف من بلد لآخر(Lynn,1990). وقد استعملنا في هذه الدراسة ذات التعريف الدولي مع إضافة